بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:باب3- تاثیر انتظار فرج بر فاش نبودن وقت ظهور است مانند معلوم نبودن وقت قیامت و وقت مرگ تا همیشه آماده برای آنها باشیم(بحار ج52 باب21 نهی از توقیت- احادیث45 و7 و9 و11)

– و عن المفضّل بن عمر قال: ذكرنا القائم عليه السّلام و من مات من أصحابنا ينتظره، فقال لنا أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إذا قام، أتى المؤمن فى قبره، فيقال له: «يا هذا! إنّه قد ظهر صاحبك، فإن تشأ أن تلحق به، فالحق؛ و ان تشأ أن تقيم فى كرامة ربّك، فأقم.»[145]

8- و عن أبى بصير عن أبى عبد اللّه عليه السّلام انّه قال ذات يوم: «ألا اخبركم بما لا يقبل اللّه من العباد عملا إلّا به؟» فقلت: «بلى.» قال: «شهادة أن لا إله الّا اللّه.» الى ان قال:

«و الانتظار للقائم عليه السّلام.» ثمّ قال: «انّ لنا دولة يحيى [يجيئ خ ل‏] اللّه بها إذا شاء.» و قال:

«من سرّه أن يكون من أصحاب القائم، فلينتظر، و ليعمل بالورع و محاسن الاخلاق و هو منتظر؛ فإن مات و قام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه.»[146] الحديث‏

9- و عن الرّضا عن آبائه عليهم السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: «أفضل أعمال امّتى، انتظار فرج اللّه عزّ و جلّ.»[147]

10- و عن أبى بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «على رأس السّابع منّا الفرج.»[148]

11- و عنه أيضا عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «ما تستعجلون بخروج القائم؟ فو اللّه، ما

الشموس المضيية، ص: 58

لباسه الّا الغليظ، و لا طعامه الّا الجشب، و ما هو الّا السّيف، و الموت تحت ظلّ السّيف.»[149]

12- و عن عبد اللّه بن زرارة عن أبى عبد اللّه عليه السّلام فى حديث طويل قال: «عليكم بالتّسليم و الرّد الينا، و انتظار أمرنا و أمركم، و فرجنا و فرجكم.»[150] الحديث‏

13- و فى حديث إسحق بن سعد الأشعرىّ عن أبى محمّد الحسن بن علىّ عليهما السّلام: «…

يا أحمد بن اسحق! مثله [يعنى الحجّة] فى هذه الامّة مثل الخضر عليه السّلام، و مثله مثل ذى القرنين؛ و اللّه، ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة الّا من ثبّته اللّه على القول بإمامته، و وفّقه للدّعاء بتعجيل فرجه.»[151] الحديث‏

أقول: هذه نبذة من الرّوايات الواردة فى فضل انتظار الفرج. و يناسب المقام أن نذكر بيانا حول معنى الفرج، فنقول:

إنّ التدبّر فى الرّوايات يعطى أن الفرج على قسمين: شخصىّ؛ و عامّ؛ فالشّخصىّ بنفسه على قسمين:

أحدهما: تخلّص الإنسان من الأخلاق الذّميمة و الصّفات الرّديئة، ثمّ الوصول الى الكمالات العالية الانسانيّة الفطريّة و الأخلاق الإلهيّة.

و ثانيهما: الفرج المنتسب الى ولىّ العصر و القائم بالحقّ- عجل اللّه تعالى فرجه- و فى هذا القسم أيضا نوعان من الفرج:

الأوّل: معرفة الإمام عليه السّلام بمقام النّورانيّة، و ليست هى الّا مقام الولاية الإلهيّة، و هذه المعرفة تحصل فى الفرج الشّخصىّ، و هو الوصول الى الكمالات النّفسانيّة الفطريّة.

الثّانى: درك محضر الإمام و زمان ظهوره عليه السّلام، و من المعلوم أنّ بهذا الفرج يحصل‏

الشموس المضيية، ص: 59

الفرج بالمعنى الأوّل أيضا؛ اذ لدرك حضور الإمام عليه السّلام أثر خاص و دخل تامّ فى وصول أبناء البشر المؤمنين به و لا أقلّ خواصّه المخلصون ذاك اليوم الى المراتب العلى من الكمالات الانسانيّة، كما يستفاد من بعض الرّوايات.[152]

و امّا الفرج العامّ: فهو خلاص المجتمع من الظّلم و الجور، و الوصول الى القسط و العدل و اقامة الدّولة الكريمة العادلة الّتى يعزّ فيها الحقّ و يذلّ فيها الباطل.

و يرشدنا الى طلب الفرج الشّخصىّ بعض الأدعية و الأحاديث، و لا سيما الأدعية الواردة فى شهر رمضان، و يدلّنا بعض الأحاديث الماضية الّتى ذكرناها و كذا ما لم نذكرها على طلب فرج القائم و ظهوره- عجّل اللّه تعالى فرجه- فى زمن الأئمّة عليهم السّلام و الغيبة، و ذكروا عليهم السّلام له ثوابا عظيما.

و معلوم أنّ من كان فى قلبه أنّ للّه فرجا عامّا يخلص فيه المسلمون من ظلم الظّلمة و جور الجائرين، و صبر و ثبت على عقائده الحقّة، و لم يبع آخرته بالدّنيا، له ثواب عظيم لهذا الانتظار.

و يمكن أن تحمل الأحاديث المطلقة الدّالّة على فضل الفرج- كالحديث التّاسع و الثّانى عشر- على مطلوبيّة الفرج بجميع معانيها المتقدّمّة، لا سيما بملاحظة قوله عليه السّلام فى الحديث الثّانى عشر: «و فرجنا و فرجكم.»

ثمّ لا يخفى أنّ النّهى الواردة فى الحديث الحادى عشر: «ما تستعجلون بخروج القائم؟» ليس نهيا عن طلب الفرج و انتظاره؛ بل المراد منه ذمّ استعجال فرجه و بيان أنّه ينبغى للعبد المطيع للّه أن يسلّم أمر الفرج إليه سبحانه و تعالى.

روایت آمدن حضرت موسی

7- ك، إكمال الدين ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ النَّسَائِيِّ عَنْ أَبِيهِ آدَمَ بْنِ إِيَاسٍ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا حَضَرَتْ يُوسُفَ الْوَفَاةُ جَمَعَ شِيعَتَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ حَدَّثَهُمْ بِشِدَّةٍ تَنَالُهُمْ يُقْتَلُ فِيهَا الرِّجَالُ وَ تُشَقُّ بُطُونُ الْحَبَالَى وَ تُذْبَحُ الْأَطْفَالُ حَتَّى يُظْهِرَ اللَّهُ الْحَقَّ فِي الْقَائِمِ مِنْ وُلْدِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ وَ هُوَ رَجُلٌ أَسْمَرُ طَوِيلٌ وَ وَصَفَهُ لَهُمْ‏ «2» بِنَعْتِهِ فَتَمَسَّكُوا بِذَلِكَ وَ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ وَ الشِّدَّةُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَ هُمْ يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِمِ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى إِذَا بُشِّرُوا بِوِلَادَتِهِ وَ رَأَوْا عَلَامَاتِ ظُهُورِهِ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَى عَلَيْهِمْ وَ حُمِلَ عَلَيْهِمْ بِالْخَشَبِ وَ الْحِجَارَةِ وَ طُلِبَ‏ «3» الْفَقِيهُ الَّذِي كَانُوا يَسْتَرِيحُونَ إِلَى أَحَادِيثِهِ فَاسْتَتَرَ وَ تَرَاسَلُوهُ وَ قَالُوا كُنَّا مَعَ الشِّدَّةِ نَسْتَرِيحُ إِلَى حَدِيثِكَ فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى بَعْضِ الصَّحَارِي وَ جَلَسَ يُحَدِّثُهُمْ حَدِيثَ الْقَائِمِ وَ نَعْتَهُ وَ قُرْبَ الْأَمْرِ وَ كَانَتْ لَيْلَةٌ قَمْرَاءُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَدِيثَ السِّنِّ وَ قَدْ خَرَجَ مِنْ دَارِ فِرْعَوْنَ يُظْهِرُ النُّزْهَةَ فَعَدَلَ عَنْ مَوْكِبِهِ وَ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ وَ تَحْتَهُ بَغْلَةٌ وَ عَلَيْهِ طَيْلَسَانُ خَزٍّ فَلَمَّا رَآهُ الْفَقِيهُ عَرَفَهُ بِالنَّعْتِ فَقَامَ إِلَيْهِ وَ انْكَبَّ عَلَى قَدَمَيْهِ فَقَبَّلَهُمَا ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِيَكَ فَلَمَّا رَأَى الشِّيعَةُ ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّهُ صَاحِبُهُمْ فَأَكَبُّوا عَلَى الْأَرْضِ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمْ يَزِدْهُمْ عَلَى أَنْ قَالَ أَرْجُو أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ فَرَجَكُمْ ثُمَّ غَابَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ خَرَجَ إِلَى مَدِينَةِ مَدْيَنَ فَأَقَامَ عِنْدَ شُعَيْبٍ مَا أَقَامَ فَكَانَتِ الْغَيْبَةُ الثَّانِيَةُ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ‏

______________________________

(1) تنزيه الأنبياء: 71. م.

(2) في المصدر: طوال، و نعته لهم اه. م.

(3) في نسخة: و طلبوا.

بحار الأنوار (ط – بيروت)، ج‏13، ص: 37

مِنَ الْأُولَى وَ كَانَتْ نَيِّفاً وَ خَمْسِينَ سَنَةً وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَى عَلَيْهِمْ وَ اسْتَتَرَ الْفَقِيهُ فَبَعَثُوا إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا صَبْرَ لَنَا عَلَى اسْتِتَارِكَ عَنَّا فَخَرَجَ إِلَى بَعْضِ الصَّحَارِي وَ اسْتَدْعَاهُمْ وَ طَيَّبَ قُلُوبَهُمْ وَ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنَّهُ مُفَرِّجٌ عَنْهُمْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ لَهُمْ قَدْ جَعَلْتُهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً لِقَوْلِهِمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَالُوا كُلُّ نِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ قُلْ لَهُمْ قَدْ جَعَلْتُهَا عِشْرِينَ سَنَةً فَقَالُوا لَا يَأْتِي بِالْخَيْرِ إِلَّا اللَّهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ قُلْ لَهُمْ قَدْ جَعَلْتُهَا عَشْراً فَقَالُوا لَا يَصْرِفُ الشَّرَّ إِلَّا اللَّهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ قُلْ لَهُمْ لَا تَبْرَحُوا فَقَدْ آذَنْتُ فِي فَرَجِكُمْ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَاكِباً حِمَاراً فَأَرَادَ الْفَقِيهُ أَنْ يُعَرِّفَ الشِّيعَةَ مَا يَسْتَبْصِرُونَ بِهِ فِيهِ وَ جَاءَ مُوسَى حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُ الْفَقِيهُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ مُوسَى قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ عِمْرَانَ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ وَهْبِ بْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ‏ «1» قَالَ بِمَا ذَا جِئْتَ قَالَ بِالرِّسَالَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَبَّلَ يَدَهُ ثُمَّ جَلَسَ بَيْنَهُمْ وَ طَيَّبَ نُفُوسَهُمْ وَ أَمَرَهُمْ أَمْرَهُ ثُمَّ فَرَّقَهُمْ فَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ بَيْنَ فَرَجِهِمْ بِغَرْقِ فِرْعَوْنَ أَرْبَعُونَ سَنَةً «2».

بيان: قوله عليه السلام و كانت نيّفا و خمسين سنة أي كان المقدر أولا هكذا و لذا أخبرهم بعد مضي نيف و عشر سنين ببقاء أربعين سنة ثم خفف الله عنهم مرات حتى أظهر لهم موسى عليه السلام في الساعة بعد رجوعه عن مدين و كان بقاؤه فيها عشر سنين و مدة ذهابه و إيابه نيفا.

الباب الثّانى فى ذكر نبذ من الرّوايات الواردة المتعلّقة بالغيبة الصّغرى و الكبرى الى زمان ظهوره الشّريف‏

الشموس المضيية، ص: 61

الباب الثّانى فى ذكر نبذ من الرّوايات الواردة المتعلّقة بالغيبة الصّغرى و الكبرى الى زمان ظهوره الشّريف‏

و فيه أيضا فصول:

الشموس المضيية، ص: 62

الفصل الأوّل فى ذكر الغيبة الصغرى و النّوّاب الأربعة و الغيبة الكبرى و أيّامها اجمالا

1- عن مفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «لصاحب هذا الأمر غيبتان: إحديهما يرجع منها الى أهله؛ و الاخرى يقال: «هلك، فى أىّ واد سلك؟» قلت:

«كيف يصنع اذا كان كذلك؟» قال: «إذا ادّعاها مدّع، فاسئلوه عن أشياء يجيب فيها مثله.»[1]

2- و عن إسحق بن عمّار، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «للقائم غيبتان: إحديهما قصيرة، و الاخرى طويلة: الغيبة الاولى لا يعلم بمكانه فيها الّا خاصّة شيعته؛ و الاخرى لا يعلم بمكانه فيها الّا خاصّة مواليه.»[2]

3- و عن عبد السّلام بن صالح الهروىّ عن أبى الحسن علىّ بن موسى الرّضا عن أبيه عن آبائه عن علىّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: و الّذى بعثنى بالحقّ بشيرا، ليغيبنّ القائم من ولدى، بعد معهود اليه منّى، حتّى يقول اكثر النّاس: «ما للّه فى آل محمّد

الشموس المضيية، ص: 63

حاجة.»، و يشكّ آخرون فى ولادته؛ فمن أدرك زمانه، فليتمسّك بدينه، و لا يجعل للشّيطان عليه سبيلا بشكّه، فيزيله عن ملّتى و يخرجه من دينى؛ فقد أخرج ابويكم من الجنّة من قبل، و إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل الشّياطين أولياء للّذين لا يؤمنون.»[3]

4- و عن محمّد بن اسماعيل و علىّ بن عبد اللّه الحسنيّين عن أبى محمّد الحسن عليه السّلام فى حديث أنّه قال لجماعة من الشّيعة: «إشهدوا على أنّ عثمان بن سعيد العمرىّ وكيلى، و أنّ ابنه محمّدا وكيل ابنى مهديّكم.»[4]

5- و عن جماعة من الشّيعة فى خبر طويل عن أبى محمّد الحسن بن علىّ عليه السّلام أنّه قال لهم: «جئتم تسألونى عن الحجّة بعدى؟» قالوا: «نعم.» فاذا غلام كانّه قطعة قمر، أشبه النّاس بأبى محمّد عليه السّلام فقال: «هذا إمامكم، و خليفتى عليكم، أطيعوه و لا تتفرّقوا من بعدى؛ فتهلكوا فى أديانكم. ألا! و إنّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتّى يتمّ له عمر؛ فاقبلوا من عثمان بن سعيد ما يقوله، و انتهوا الى أمره، و اقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم و الأمر اليه.»[5]

6- و فى حديث غياث بن اسد قال: «… و كان مولده عليه السّلام لثمان ليال خلون من شعبان، سنة ست و خمسين و مأتين، وكيله عثمان بن سعيد، فلمّا مات عثمان أوصى الى ابنه أبى جعفر محمّد بن عثمان، و أوصى أبو جعفر الى أبى القاسم الحسين بن روح، و أوصى أبو القاسم الى أبى الحسن علىّ بن محمّد السّمرى- رضى اللّه عنهم-، فلمّا حضرت السّمرى- رضى اللّه عنه- الوفاة سئل أن يوصى، فقال: «للّه أمر هو بالغه.»؛ فالغيبة التّامّة هى الّتى وقعت بعد السّمرى رحمه اللّه.»[6]

الشموس المضيية، ص: 64

أقول: يظهر من هذه الأخبار و غيرها أنّ له- عجّل اللّه تعالى فرجه- غيبتين:

الغيبة الصّغرى: و هى الّتى بدأت من ولادته الى وفاة السّمرى- رحمه اللّه- لأنّه لم يره فى تلك المدّة غير الخواصّ من الشيعة، و هم النوّاب الأربعة.

و الغيبة الكبرى: و هى الّتى شرعت من زمان وفاة السّمرى، و تمتدّ الى ظهوره عليه السّلام، و لا يجوز تعيين مدّتها؛ بل يستفاد من الأخبار و الآثار طولها اجمالا، و أنّ لها علائم و آثار حتميّة، لكن يجرى فيها «البداء»[7] كما فى بعض الأخبار.[8]

الشموس المضيية، ص: 65

الفصل الثّانى فى ذكر بعض الرّوايات الّتى تذكر علّة الغيبة و علّة طولها

1- عن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «إنّ للغلام غيبة قبل أن يقوم.» قال: قلت: «و لم؟» قال: «يخاف.»- و أومى بيده الى بطنه.- ثمّ قال: «يا زرارة! و هو المنتظر، و هو الّذى يشكّ فى ولادته.»[9] الحديث‏

2- و عن محمّد بن الفرج قال: كتب الىّ أبو جعفر عليه السّلام: «إذا غضب اللّه تبارك و تعالى على خلقه، نحّانا عن جوارهم.»[10]

3- و عن زرارة بن أعين، قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم.» قلت: «و لم؟» قال: «يخاف.» الى ان قال: «و هو المنتظر، غير أنّ اللّه يحبّ أن يمتحن الشّيعة؛ فعند ذلك يرتاب المبطلون.»[11] الحديث‏

4- و عن حنّان بن سدير، عن أبيه، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها.» فقلت له: «يابن رسول اللّه! و لم ذاك؟» قال: «لأنّ اللّه عزّ و جلّ أبى الّا أن يجعل فيه سنن الأنبياء عليهم السّلام فى غيباتهم، و إنّه لا بدّ له- يا سدير!- من استيفاء مدة

الشموس المضيية، ص: 66

غيباتهم، قال اللّه تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ‏[12] اى سنن من كان قبلكم.»[13]

5- و عن إبراهيم الكرخىّ قال: قلت لأبى عبد اللّه عليه السّلام أو قال له رجل: «أصلحك اللّه! ألم يكن علىّ عليه السّلام قويّا فى دين اللّه؟» قال: «بلى.» قال: «فكيف ظهر عليه القوم؟كيف لم يمنعهم؟ و ما منعه من ذلك؟» قال: «آية فى كتاب اللّه عزّ و جلّ منعته.» قال:

قلت: «و اىّ آية هى؟» قول اللّه عزّ و جل: لَوْ تَزَيَّلُوا، لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً[14] إنه كان للّه عزّ و جلّ ودايع مؤمنون فى أصلاب قوم كافرين و منافقين، فلم يكن علىّ عليه السّلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودايع؛ فلمّا خرجت الودايع، ظهر على من ظهر فقاتله؛ و كذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتّى تظهر ودايع‏[15] اللّه عزّ و جلّ، فإذا ظهرت، ظهر على من ظهر فقاتله.»[16]

6- و عن مروان الأنبارىّ قال: خرج من أبى جعفر عليه السّلام: «إنّ اللّه إذا كره لنا جوار قوم، نزعنا من بين أظهرهم.»[17]

7- و عن فرات بن أحنف، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام، عن آبائه، عن علىّ عليهم السّلام فى حديث قال: «أما- و اللّه- لاقتلنّ أنا و ابناى هذان، و ليبعثنّ اللّه رجلا من ولدى فى آخر الزّمان يطالب بدمائنا، و ليغيبنّ عنهم تميزا لأهل الضّلال، حتّى يقول القائل [الجاهل خ ل‏]:

الشموس المضيية، ص: 67

«ما للّه فى آل محمّد حاجة.»[18]

8- و عن المفضّل بن عمر، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام فى حديث: «انّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «اعلموا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة للّه عزّ و جلّ، و لكن اللّه سيعمى خلقه عنها بظلمهم و جهلهم.»[19] الحديث‏

9- و عن الباقر عليه السّلام قال: «إذا ظهر قائمنا أهل البيت عليه السّلام، قال: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ، فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً[20] خفتكم على نفسى، و جئتكم لما أذن لى ربّى و اصلح لى امرى.»[21]

10- و عن أبى وايل قال: نظر امير المؤمنين عليه السّلام الى ابنه الحسين عليه السّلام فقال: «إنّ ابنى هذا سيّد كما سماّه اللّه سيّدا، و سيخرج من صلبه رجلا باسم نبيّكم فيشبه الخلق و الخلق، يخرج حين غفلة من النّاس، و إماتة من الحقّ، و اظهار من الجور؛ و اللّه، لو لم يخرج لضربت عنقه.»[22]

11- و عن الصّادق عليه السّلام: «و كذا القائم عليه السّلام، تمتدّ ايّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه، و يصفو الايمان من الكدر، بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشّيعة، الّذين يخشى عليهم النّفاق، إذا أحسّوا بالاستخلاف و التمكين و الأمن المنتشر فى عهد القائم عليه السّلام.»[23]

12- و فى حديث أبى سعيد عقيصاء المتقدّم فى الفصل الثّانى عن الحسن بن علىّ ع 82 ليهما السّلام …: «ما منّا أحد الّا و يقع فى عنقه بيعة لطاغية زمانه، الّا القائم الّذى يصلّى روح‏

الشموس المضيية، ص: 68

اللّه عيسى بن مريم خلفه؛ فإنّ اللّه عزّ و جل يخفى ولادته و يغيب شخصه، لئلّا يكون لأحد فى عنقه بيعة إذا خرج.»[24] الحديث‏

13- و عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمىّ قال: سمعت الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها، يرتاب فيها كلّ مبطل.»، فقلت له: «و لم؟

جعلت فداك!» قال: «لأمر لم يؤذن لنا فى كشفه لكم.» قلت: «فما وجه الحكمة فى غيبته؟» قال: «وجه الحكمة فى غيبته وجه الحكمة فى غيبات من تقدّم من حجج اللّه تعالى ذكره، إنّ وجه الحكمة فى ذلك لا ينكشف الّا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما اتاه الخضر عليه السّلام الّا بعد افتراقهما. يابن الفضل! إنّ هذا الأمر [ظ: أمر] من أمر اللّه، و سرّ من سرّ اللّه، و غيب من غيب اللّه، و متى علمنا أنّ اللّه عزّ و جل حكيم، صدقنا بأنّ افعاله كلّها حكمة، و إن كان وجهها غير منكشف.»[25]

أقول: يستفاد من مجموع هذه الرّوايات بعض الامور الّتى تكون علّة لغيبته- عجّل اللّه تعالى فرجه- لا كلّها، لأنّه يظهر من بيان المعصوم عليه السّلام فى الرّواية الاخيرة، أنّ الحكمة فى غيبته لا تنكشف الّا بعد ظهوره؛ فعلى هذا، يمكن أن يقال: إنّ الامور المذكورة فى الرّوايات، كلّها دخيلة فى غيبته عليه السّلام فى الجملة، لا بالجملة، و العمدة هنا فهم معانى بعض هذه العلل و التّدبّر فيها.

منها: خوفه عليه السّلام على نفسه فى الرّواية الاولى، و لعلّه مشير الى انّه لو لم يغب عن أعين النّاس لتقتله اعاديه، و قتله موجب لخلوّ الأرض عن الحجّة و سوخانها بأهلها.

و منها: استيفاء غيبة الأنبياء عليهم السّلام فى الحديث الرّابع، و لعلّه مشير الى أنّ اللّه أراد أن يكون طول غيبته بمدّة مجموع غيبات الأنبياء عليهم السّلام. أما وجهها فلم يظهر لنا الّا أنّ اللّه تعالى بغيبتهم ابتلى امّتهم، و لعلّه تعالى أراد أن يبتلى هذه الامّة ابتلاء أشدّ من ابتلاء

الشموس المضيية، ص: 69

الامم الماضية جميعا.

و منها: ظهور الودايع فى الحديث الخامس، و هو يدلّ على عناية اللّه تعالى بودائعه فى أصلاب الكافرين.

و منها: كراهة اللّه تعالى أن يكون أولياؤه المعصومون فى جوار العاصين كما يدلّ عليه الحديث السّادس، و لعلّ وجهه غضبه تعالى على امّة لا يعرف قدر نفسها حيث شرّفه اللّه تعالى على سائر الامم بإرسال أفضل رسله و أفضل الأوصياء اليهم، فظلموهم و جهلوهم، و لم يتمسّكوا بسيرتهم و طريقتهم.

و منها: قول الإمام عليه السّلام فى الحديث العاشر: «و اللّه لو لم يخرج، لضربت عنقه.»، و لعلّه مشير الى أنّ خروجه يكون على حين غفلة من النّاس- كما فى صدر هذا الحديث-، و انّه عليه السّلام لو خرج علانية لضربت عنقه بأيدى الحكّام الظلمه المصرّين على حفظ حكومتهم و رئآستهم، كما هو المشاهد من دأبهم و عادتهم فى طول القرون و الأعصار.

و منها: كلام الحسن بن علىّ عليهما السّلام فى الحديث الثّانى عشر «ما منّا الّا و يقع فى عنقه بيعة لطاغية زمانه الّا القائم.» و قد تقدّم معناه فى بياننا الموجز فى الفصل السّابع من الباب الأوّل، فراجع.

الشموس المضيية، ص: 70

الفصل الثّالث فى ذكر حال الشّيعة و غيرهم فى أيّام غيبته عليه السّلام‏

1- عن أبى جعفر محمّد بن علىّ الرّضا عليهما السّلام: «… انّه يقوم بعد موت ذكره، و ارتداد اكثر القائلين بإمامته.»[26]

2- و عن يمان الّتمار قال: كنّا عند أبى عبد اللّه عليه السّلام جلوسا، فقال لنا: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد.» الى ان قال: ثمّ قال: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتّق اللّه عبد، و ليتمسّك بدينه.»[27]

3- أيضا عن أبى عبد اللّه عليه السّلام: «… و لتمحصنّ حتّى يقال: «مات، أو هلك، بأىّ واد سلك؟»، و لتدمعنّ عليه عيون المؤمنين، و لتكفانّ كما تكفا السّفينة فى أمواج البحر، فلا ينجو الّا من أخذ اللّه ميثاقه و أيّده بروح منه.»[28] الحديث‏

4- و عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام، فى وصيّة النبىّ لعلىّ عليه السّلام قال: «يا علىّ! أعجب النّاس ايمانا و أعظمهم يقينا، قوم يكونون فى آخر الزّمان، لم يروا النّبىّ و حجب عنهم الحجّة، فآمنوا بسواد على بياض.»[29]

5- و عن علىّ بن فضّال، عن أبيه عن أبى الحسن علىّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام أنّه‏

الشموس المضيية، ص: 71

قال: «كأنى بالشّيعة عند فقدهم الثّالث من ولدى يطلبون المرعى فلا يجدونه.» فقلت:

«و لم ذاك؟ يابن رسول اللّه!» قال: «لأنّ إمامهم يغيب عنهم.»[30] الحديث‏

6- و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: «… تكون له غيبة و حيرة تضلّ فيهما الامم.»[31] الحديث‏

7- و أيضا عنه صلّى اللّه عليه و اله: «… إنّ الثّابتين على القول به فى زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر.» فقام اليه جابر بن عبد اللّه الانصارىّ فقال: «يا رسول اللّه! و للقائم من ولدك غيبة؟» فقال: «اى، و ربّى، وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا، وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ‏[32][33]

8- و عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «… أما ليغيبنّ حتّى يقول الجاهل:

«ما للّه فى آل محمّد حاجة.»[34]

9- و عن علىّ بن موسى الرّضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّه قال: «… لا يثبت فيها على دينه الّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الّذين أخذ اللّه ميثاقهم بولايتنا، و كتب فى قلوبهم الايمان، و أيّدهم بروح منه.»[35]

10- و فى حديث علىّ بن الحسين عليهما السّلام: «… فيطول أمدها حتّى يرجع عن هذا الأمر كثير ممّن يقول به، فلا يثبت عليه الّا من قوى يقينه، و صحّت معرفته، و لم يجد فى نفسه حرجا ممّا قضينا، و سلّم لنا أهل البيت.»[36] 11- و فى رواية أبى الجارود عن أبى جعفر محمّد بن علىّ الباقر عليه السّلام قال: قال لى:

«إذا دار الفلك و قال النّاس: «مات القائم، أو هلك، باىّ واد سلك؟»، و قال الطّالب: أنّى يكون ذلك و قد بليت عظامه؟»؛ فعند ذلك فارجوه، فإذا سمعتم به فأتوه، و لو سعيا على‏

الشموس المضيية، ص: 72

الثّلج.»[37]

12- و فى حديث أبى جعفر- باقر العلوم- عليه السّلام: «… و أمّا سنّة من موسى، فداوم خوفه و طول غيبته و خفاء ولادته و تعب شيعته من بعده و ما لقوا من الأذى و الهوان …

و اما شبهه من عيسى، فاختلاف من اختلف فيه حتّى قالت طائفة منهم: «ما ولد.»، و قالت طائفة: «مات.»، و قالت طائفة: «قتل و صلب.»[38] الحديث‏

13- و عن عبد الرّحمن بن سيابة، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «كيف بكم؟ إذا بقيتم بلا إمام هدى و لا علم يرى، يبرأ بعضكم من بعض؛ فعند ذلك تميّزون و تمحّصون و تغربلون، و عند ذلك اختلاف السّنن و إمارة أوّل النّهار، و قتل و خلع [قطع خ ل‏] فى آخر النّهار.»[39]

14- و فى حديث سدير الصّيرفى عن أبى عبد اللّه عليه السّلام: «… ويحكم! إنّى نظرت فى كتاب الجفر … و تأمّلت فيه مولد قائمنا و غيبته و ابطائه و طول عمره، و بلوى المؤمنين فى ذلك الزّمان و تولّد الشّكوك فى قلوبهم من طول غيبته و ارتداد أكثرهم عن دينهم.»[40] الحديث‏

15- و عن احمد بن زكريّا عن الرّضا عليه السّلام فى حديث، قال: «لا بدّ من فتنة صماّء صيلم‏[41]، يسقط فيها كلّ وليجة و بطانة[42]، و ذلك بعد فقدان الشّيعة الثّالث من ولدى.»[43]

الشموس المضيية، ص: 73

16- و فى حديث إسحق بن سعد الأشعرىّ عن أبى محمّد الحسن بن علىّ عليهما السّلام:

«و اللّه، ليغيبنّ غيبة لا ينحو فيها من الهلكة الّا من ثبّته اللّه على القول بإمامته، و وفّقه للدّعاء بتعجيل فرجه.» … فقلت له: «يابن رسول اللّه! فإن غيبته لتطول؟» قال: «إى، و اللّه حتّى يرجع عن هذا الأمر اكثر القائلين به، فلا يبقى الّا من أخذ اللّه عهده بولايتنا، و كتب فى قلبه الايمان و أيّده بروح منه.»[44]

17- و فى حديث جعفر بن وهب البغدادىّ عنه عليه السّلام أيضا: «… أما إنّ لولدى غيبة يرتاب فيها النّاس، الّا من عصمه اللّه عزّ و جلّ.»[45]

18- و فى حديث آخر عنه عليه السّلام: «… أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون، و يهلك فيها المبطلون، و يكذب فيها الوقّاتون.»[46] الحديث‏

19- و فى حديث عنه عليه السّلام: «إنّ ابنى هو القائم من بعدى، و هو الّذى تجرى فيه سنن الأنبياء عليهم السّلام بالتّعمير و الغيبة، حتّى تقسو قلوب لطول الأمد؛ فلا يثبت على القول به الّا من كتب اللّه عزّ و جلّ فى قلبه الايمان، و أيّده بروح منه.»[47]

20- و عن المفضّل بن عمر قال: سألت الصّادق عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ الْعَصْرِ فقال عليه السّلام: «العصر، عصر خروج القائم عليه السّلام، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ يعنى أعدائنا، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا يعنى بآياتنا، وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ يعنى مواساة الإخوان، وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ‏ يعنى بالإمامة، وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ[48] يعنى فى الفترة.»[49]

21- و أيضا عن المفضّل، قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام: «إنّ لصاحب هذا الأمر

الشموس المضيية، ص: 74

لغيبتين: إحديهما أطول من الاخرى، حتّى يقال: «مات.» و بعض يقول: «قتل.»، و لا يبقى على أمره الّا نفر يسير من أصحابه.»[50] الحديث‏

22- و عن محمّد بن منصور عن أبيه قال: كنّا عند أبى عبد اللّه عليه السّلام جماعة نتحدّث فقال لنا: «فى أىّ شى‏ء أنتم؟ هيهات! هيهات! لا و اللّه، لا يكون ما تمدّون اليه أعينكم حتّى تغربلوا؛ لا و اللّه، لا يكون ما تمدّون اليه أعينكم حتّى تميّزوا؛ لا و اللّه، لا يكون ما تمدّون اليه أعينكم حتّى تحصوا؛ لا و اللّه، لا يكون ما تمدّون اليه أعينكم الّا بعد أياس؛ لا و اللّه، لا يكون ما تمدّون اليه أعينكم حتّى يشقى من يشقى، و يسعد من يسعد.»[51]

23- و عن محمّد بن أبى نصر قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: «أما و اللّه، لا يكون ما تمدّون اليه أعينكم حتّى تميّزوا و تمحصوا؛ و حتّى لا يبقى منكم الّا الأندر، ثمّ تلا: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا، وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ‏[52]، وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ‏[53][54]

24- و عن محمّد بن مسلم و أبى بصير قالا: سمعنا أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثلثا النّاس.» فقلنا: إذا ذهب ثلثا النّاس، فمن يبقى؟» فقال: «أما ترضون أن تكونوا فى الثّلث الباقى.»[55]

25- و عن جابر الجعفى قال: قلت لأبى جعفر عليه السّلام: «متى يكون فرجكم؟» فقال:

«هيهات! هيهات! لا يكون فرجنا حتّى تغربلوا، ثمّ تغربلوا، ثمّ تغربلوا.»، يقولها ثلاثا، «حتّى يذهب الكدر و يبقى الصفو.»[56]

26- و عن عباية بن ربعى الأسدىّ قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: «كيف أنتم؟

الشموس المضيية، ص: 75

إذا بقيتم بلا إمام هدى و لا علم يرى، يبرأ بعضكم من بعض.»[57]

27- و عن ابن أبى عمير، عن موسى بن جعفر عليهما السّلام فى حديث، قال قلت له:

«الأئمّة تكون فيهم من يغيب؟» قال: «نعم، يغيب عن أبصار النّاس شخصه، و لا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، و هو الثّانى عشر منّا.»[58]

28- و عن أبى بصير عن أبى عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال‏[59]: «مع القائم من العرب شى‏ء يسير.» قيل له: «إنّ من يصف منهم هذا الأمر لكثير.» فقال: «لا بدّ للنّاس من أن يمحّصوا، و يميّزوا، و يغربلوا، و سيخرج فى الغربال خلق كثير.»[60]

29- و عن مالك بن خمرة [حمزة خ ل‏] قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «كيف أنت؟ إذا اختلفت الشّيعة هكذا.»- و شبّك على أصابعه و أدخل بعضها فى بعض- فقلت: يا أمير المؤمنين! ما عند ذلك من خير فقال: «الخير كلّه عند ذلك، يا مالك! عند ذلك يقوم قائمنا.»[61] الحديث‏

أقول: يظهر من هذه الأخبار و ما تشابهها أنّ فى زمن الغيبة ابتلاءت عظيمة لأهل الايمان؛ و يظهر منها أيضا أنّه من يكون الفائز و النّاجى، و انّ الخاسر الخائب من هو؟

و لا يخفى أنّ الابتداء و الامتحان سنّة من السّنن الإلهيّة، لأهل الايمان و غيرهم، فى كلّ زمن و عصر من الأعصار، و لا يختصّ بزمن الغيبة، و اللّه يمتحن كلّا بأمر، و ابتلى هذه الامّة بعد الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و الأئمّة عليهم السّلام بالغيبة و امور اخر ليس هنا محلّ ذكرها. قال عزّ من قائل: أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا: آمَنَّا. وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ؟ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ،

الشموس المضيية، ص: 76

فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا، وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ‏[62]

فعلينا أن نسعى و نجدّ فى طريق الفوز و النّجاح فى هذا الابتلاء. و النّجاح الكامل لا يحصل الّا لمن يكون من المخلصين- بفتح اللّام-، و من باشر روح اليقين، و قوى يقينه، و صحّت معرفته، كما أشارت اليها الرّوايات الماضية؛ فعند ذلك يرضى العبد بقضاء اللّه سبحانه و حكمه فى الامور كلّها، و لا يخلج بقلبه شكّ و لا ريب بالنّسبة الى أمد الغيبة و ما يتعلّق بها، و يكون ثابتا على إمامة الإمام الغائب عليه السّلام، و يذكره دائما بقلبه. و هذه الامور لا تحصل الّا بالمجاهدة و السّلوك فى طريق العبوديّة الحقيقيّة، وفّقنا اللّه و إيّاكم لها.

الشموس المضيية، ص: 77

الفصل الرّابع فى وظائف الشّيعة فى أيّام الغيبة

1- عن يمان الّتمار قال: كنّا عند أبى عبد اللّه عليه السّلام جلوسا فقال لنا: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد.» الى ان قال: ثم قال: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتق اللّه عبد، و ليتمسّك بدينه.»[63]

2- و عن عمر بن عبد العزيز، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «إذا أصبحت و أمسيت لا ترى إماما تأتمّ به، فأحبب من كنت تحبّ، و أبغض من كنت تبغض، حتّى يظهره اللّه عزّ و جلّ.»[64]

3- و عن يونس بن يعقوب عمّن أثبته عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «كيف أنتم إذا بقيتم دهرا من دهركم لا تعرفون إمامكم؟» قيل له: «فإذا كان كذلك، كيف نصنع؟» قال:

«تمسّكوا بالأمر الأوّل حتّى يستبين.»[65]

4- و عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «ستصيبكم شبهة، فتبقون بلا علم يرى و لا إمام هدى، لا ينجو منها الّا من يدعو بدعاء الغريق.» قلت: «و كيف دعاء الغريق؟» قال: «يقول: «يا اللّه! يا رحمن! يا رحيم! يا مقلّب القلوب! ثبّت قلبى على‏

الشموس المضيية، ص: 78

دينك.»[66]. الحديث‏

5- و فى حديث يونس بن عبد الرّحمن عن موسى بن جعفر عليهما السّلام: … قال عليه السّلام:

«طوبى لشيعتنا التمسّكين بحبّنا فى غيبة قائمنا، الثّابتين على موالاتنا و البرائة من أعدائنا! اولئك منّا و نحن منهم، قد رضوا بنا أئمّة، و رضينا بهم شيعة؛ فطوبى لهم! هم- و اللّه- معنا فى درجتنا يوم القيامة.»[67]

6- و عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنىّ، عن أبى جعفر محمّد بن علىّ بن موسى عليهم السّلام فى حديث قال: «إنّ القائم منّا هو المهدىّ، الّذى يجب أن ينتظر فى غيبته، و يطاع فى ظهوره» … ثمّ قال: «أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج.»[68]

7- و عن حازم بن حبيب، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «من جائك يخبرك عن صاحب هذا الأمر أنّه غسّله و كفّنه و نفض التّراب عن قبره، فلا تصدّقه.»[69]

8- و فى حديث فضيل بن يسار، عن أبى جعفر عليه السّلام: «… من مات و هو عارف لإمامه، لم يضرّه تقّدم هذا الأمر أو تأخّر؛ و من مات عارفا بإمامه، كان كمن كان مع القائم فى فسطاطه.»[70]

9- و فى حديث أبى بصير، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام: «… من سرّه أن يكون من أصحاب القائم، فلينتظر، و ليعمل بالورع و محاسن الاخلاق و هو منتظر؛ فان مات و قام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه.»[71] الحديث‏

10- و عن أبى خالد الكابلىّ عن علىّ بن الحسين عليهما السّلام قال: «تمتدّ الغيبة بولىّ اللّه‏

الشموس المضيية، ص: 79

الثّانى عشر من أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و الأئمّة بعده. يا أبا خالد! إنّ أهل زمان غيبته القائلون بإمامته المنتظرون لظهوره أفضل أهل كلّ زمان؛ لأنّ اللّه تعالى ذكره أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، و جعلهم فى ذلك الزّمان بمنزلة المجاهدين بين يدى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بالسّيف. أولئك المخلصون حقا، و شيعتنا صدقا، و الدّعاة الى دين اللّه سرّا و جهرا.» و قال عليه السّلام: «انتظار الفرج من أعظم الفرج.»[72]

11- و عن رفاعة ابن موسى و معاوية بن وهب، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله «طوبى لمن ادرك قائم أهل بيتى، و هو مقتد به قبل قيامه، يتولّى وليّه، و يتبرّأ من عدوّه، و يتولى الأئمّة الهادية من قبله! اولئك رفقائى، و ذوو ودّى و مودّتى، و أكرم امّتى علىّ.» قال رفاعة: «و أكرم خلق اللّه علىّ.»[73]

12- و فى حديث زرارة عن أبى عبد اللّه عليه السّلام: «… فقلت: جعلت فداك! فإن أدركت ذلك الزّمان، فأىّ شى‏ء أعمل؟» قال: «يا زرارة! إن ادركت ذلك الزّمان، فالزم هذا الدّعاء: «أللّهمّ عرّفنى نفسك، فإنّك إن لم تعرّفنى نفسك، لم أعرف نبيّك. أللّهمّ! عرّفنى رسولك، فإنّك إن لم تعرّفنى رسولك، لم أعرف حجّتك. أللّهمّ! عرّفنى حجّتك، فإنّك إن لم تعرّفنى حجّتك، ضللت عن دينى.»[74]

أقول: هذه الأحاديث فى مقام بيان أنّ الابتلائات و الامتحانات هى أساس التّوبة الإلهيّة. و ترشدنا أيضا الى طريق التّخلّص عن المهالك فى زمن الغيبة و كيفيّة السّلوك فى نهج السّلامة من آفاتها و طولها.

و لا يخفى على الفطن البصير أنّ أمر الإمام عليه السّلام بالدّعاء المذكور فى الحديث الاخير

الشموس المضيية، ص: 80

لا يراد به مجرّد القرائة و التّلفّظ بألفاظها- و ان كان فى قرائته فضل و ثواب-، بل المراد به- و اللّه يعلم- هو التّوجّه الدّائم بالقلب الى مضامين هذا الدعاء الشّريف، و الالتفات الى أنّ الأمر فى زمن الغيبة الكبرى صعب مستصعب الّا لمن نال الى معرفة الحقّ سبحانه و معرفة رسوله و حجّته عليهم السّلام، و اجتنب عن طريق الضّلالة و الحيرة، و الى ذلك الأمر تشير عدّة أحاديث من الفصل الثّالث من الباب الثّانى.[75]

الشموس المضيية، ص: 81

الفصل الخامس فى بيان أجر من ثبت على ايمانه و ولايته فى أيّام غيبته عليه السّلام‏

1- عن أبى حمزة، عن أبى جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: «طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتى، و هو يأتمّ به فى غيبته قبل قيامه، و يتولىّ أوليائه و يعادى اعدائه، ذلك من رفقائى و ذوى مودتى، و أكرم امّتى علىّ يوم القيامة.»[76]

2- و فى حديث عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنىّ، عن محمّد بن علىّ بن موسى بن جعفر عليه السّلام، عن آبائه، عن علىّ عليهم السّلام قال: «… ألا! فمن ثبت منهم [اى الشّيعة] على دينه، و لم يقس قلبه بطول غيبة إمامه، فهو معى فى درجتى يوم القيامة.»[77] الحديث‏

3- و عن عمرو بن ثابت قال: قال سيّد العابدين علىّ بن الحسين عليهما السّلام: «من ثبت على ولايتنا فى غيبة قائمنا، أعطاه اللّه عزّ و جلّ أجر ألف شهيد من شهداء بدر و احد.»[78]

5- و عن المفضّل بن عمر، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «أقرب ما يكون العباد الى اللّه عزّ و جلّ، و أرضى ما يكون عنهم، إذا افتقدوا حجّة اللّه و لم يعلموا بمكانه، و هم فى ذلك‏

الشموس المضيية، ص: 82

يعلمون أنّه لم تبطل حجج اللّه.»[79] الحديث‏

5- و عنه أيضا قال: سمعت الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: «من مات منتظرا لهذا الأمر، كمن كان مع القائم فى فسطاطه، لا بل كان بمنزلة الضّارب بين يدى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بالسّيف.»[80]

6- و عن مالك بن أعين قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إنّ الميّت منكم على هذا الأمر، بمنزلة الضّارب بسيفه فى سبيل اللّه.»[81]

7- و عن الحكم بن عيينة، قال: «لمّا قتل أمير المؤمنين عليه السّلام الخوارج يوم النّهروان، قام اليه رجل [فقال: «يا أمير المؤمنين! طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف، و قتلنا معك هؤلاء الخوارج!] فقال أمير المؤمنين: «و الّذى فلق الحبّة و برء النّسمة، لقد شهدنا فى هذا الموقف اناس لم يخلق اللّه آباءهم و لا أجدادهم بعد …» فقال الرّجل: «و كيف يشهدنا قوم لم يخلقوا؟» قال: «بلى، قوم يكونون فى آخر الزّمان يشركوننا فيما نحن فيه، و يسلّمون لنا، فاولئك شركاؤنا فيما كنّا فيه حقّا حقّا.»[82]

8- و فى حديث فضيل بن يسار، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام: «… و من عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة من كان قاعدا فى عسكره، لا بل بمنزلة من كان قاعدا تحت لوائه.»[83]

أقول: قد ظهر من أحاديث هذا الفصل ثبوت الثّواب الجزيل و الآثار المعنويّة العالية، لمن حفظ إيمانه و ولايته فى زمن الغيبة، و أحبّ محبى الحجّة عليه السّلام و أبغض مبغضيه.

و لعلّ العلّة لحصول تلك النّتائج و الآثار العالية، هى أنّ المؤمنين فى زمن الغيبة

الشموس المضيية، ص: 83

محرومون من رؤية إمامهم و درك حضوره و استماع كلامه، و مع ذلك يحبّونه و يؤمنون به و يسلّمون أمرهم اليه، و المؤمن الّذى هذا شأنه فى زمن الغيبة، كيف لا يكون كذلك لو كان مدركا لأحد الأئمّة الماضين عليهم السّلام؟! بل لو أدركه لاتّبعه و حضر معه الجهاد، فيعطى أجر المجاهدين فى ركاب الإمام الحاضر. و الى ذلك يشير قول الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فى الحديث السّابع: «لقد شهدنا فى هذا الموقف اناس لم يخلق اللّه آبائهم و لا أجدادهم بعد …

قوم يكونون فى آخر الزّمان يشركوننا فيما نحن فيه و يسلّمون لنا، فأولئك شركاؤنا فيما كنّا فيه حقّا حقّا.»

و يمكن أن تكون العلّة لحصول تلك النّتائج العالية، أنّ المؤمنين حقّا فى زمن الغيبة، لمّا يؤمنون بإمامهم و يسلّمون أمرهم اليه، و يهيّئون أنفسهم للجهاد بين يديه إذا ظهر و قام، فكأنّهم أدركوا حضوره و جاهدوا معه؛ فلذا يعطون أجر من أدركه و قاتل معه، و جميع ما فى هذا الفصل من الرّوايات شاهد على هذا البيان، فلاحظ.

الشموس المضيية، ص: 84

الفصل السّادس فى بيان حكم التّقيّة فى أيّام الغيبة و حدّها

1- فى حديث حسين بن خالد عن الرّضا عليه السّلام: «… من تركها [يعنى التّقيّة] قبل خروج قائمنا، فليس منّا.»[84]

2- و عن سورة بن كليب، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام فى حديث قال: «إذا قام قائمنا، سقطت التقيّة، و جرّد السّيف، و لم يأخذ من النّاس، و لم يعطهم إلّا بالسّيف.»[85]

3- و عن أبى عمر الأعجمىّ قال: قال لى أبو عبد اللّه عليه السّلام: «يا أبا عمر! إنّ تسعة أعشار الدّين فى التقيّة، و لا دين لمن لا تقيّة له.»[86] الحديث‏

4- و عن عبد اللّه بن أبى يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «التّقيّة ترس المؤمن، و التّقيّة حرز المؤمن، و لا ايمان لمن لا تقيّة له.»[87] الحديث‏

5- و عن محمّد بن مسلم، عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «كلّما تقارب هذا الأمر، كان أشدّ للتّقيّة.»[88]

الشموس المضيية، ص: 85

6- و عن الحسين بن خالد، عن الرّضا عليه السّلام قال: «لا دين لمن لا ورع له، و لا ايمان لمن لا تقيّة له، و إنّ أكرمكم عند اللّه أعملكم بالتّقيّة.» قيل: «يابن رسول اللّه! الى متى؟» قال:

«الى قيام القائم؟، فمن ترك التّقيّة قبل خروج قائمنا، فليس منّا.»[89]

7- و عن معمّر بن خلّاد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن القيام للولاة، فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: «التّقيّة دينى و دين آبائى، لا ايمان لمن لا تقيّة له.»[90]

8- و عن المفضّل قال: سألت الصّادق عليه السّلام عن قوله: أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً[91] قال: «التّقيّة»، فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ، وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً[92] قال:

«إذا عملت بالتّقيّة، لم يقدروا لك على حيلة، و هو الحصن الحصين، و صار بينك و بين أعداء اللّه سدّا لا يستطيعون له نقبا.»[93]

9- و عن حبيب بن بشر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام سمعت أبى يقول: «لا و اللّه، ما على وجه الأرض شى‏ء أحبّ الىّ من التّقيّة، يا حبيب! إنّه من كانت له تقيّة رفعه اللّه، يا حبيب! من لم تكن له تقيّة وضعه اللّه، يا حبيب! إنّ النّاس إنّما هم فى هدنة، فلو قد كان ذلك، كان هذا.»[94]

10- و عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام فى حديث شرايع الدّين، قال: «و لا يحلّ قتل أحد من الكفّار و النصّاب فى التّقيّة، الّا قاتل او ساع فى فساد، و ذلك إذا لم تخف على نفسك و لا على أصحابك. و استعمال التّقيّة فى دار التّقيّة واجب، و لا حنث و لا كفّارة على من حلف تقيّة، يدفع بذلك ظلما عن نفسه.»[95]

الشموس المضيية، ص: 86

11- عن زرارة، عن أبى جعفر عليه السّلام قال: «التّقيّة فى كلّ ضرورة، و صاحبها أعلم بها حين تنزل به.»[96]

12- و عن أبى محمّد الحسن بن على العسكرىّ عليهما السّلام فى حديث: «إنّ الرّضا عليه السّلام جفا جماعة من الشّيعة و حجبهم، فقالوا: «يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله! ما هذا الجفا العظيم و الاستخفاف بعد الحجاب الصّعب؟ قال: «لدعواكم أنّكم شيعة أمير المؤمنين عليه السّلام، و انتم فى أكثر أعمالكم مخالفون، و مقصّرون فى كثير من الفرائض، و تتهاونون بعظيم حقوق إخوانكم فى اللّه، و تتّقون حيث لا تجب التّقيّة، و تتركون التّقيّة حيث لا بدّ من التّقيّة.»[97]

13- و فى حديث حسن بن علىّ العسكرىّ عليهما السّلام فى قوله تعالى: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ‏[98] قال: «الرّحيم بعباده المؤمنين من شيعة آل محمّد، وسع لهم فى التّقيّة يجاهرون باظهار موالاة أولياء اللّه، و معاداة اعدائه اذا قدروا، و يسرّون بها إذا عجزوا.»[99]

14- و عن محمّد بن ميمون، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «ستدعون الى سبّى فسبّونى، و تدعون الى البرائة منّى فمدّوا الرّقاب، فإنّى على الفطرة.»[100]

15- و عن أمير المؤمنين عليه السّلام فى نهج البلاغة أنّه قال: «أما إنّه سيظهر عليكم بعدى رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، و يطلب ما لا يجد، فاقتلوه و لن تقتلوه. ألا! و إنّه سيأمركم بسبّى و البرائة منّى، فأمّا السّب فسبّونى، فإنّه لى زكاة و لكم نجاة؛ و أمّا البرائة فلا تبرأوا [تتبروا] منّى؛ فانّى ولدت على الفطرة، و سبقت الى الايمان‏

الشموس المضيية، ص: 87

و الهجرة.»[101]

16- و عن محمّد بن مسلم، عن أبى جعفر عليه السّلام قال: «إنّما جعل التّقيّة ليحقن بها الدّم، فإذا بلغ الدّم، فليس تقيّة.»[102]

17- و عن أبى حمزة الّثمالى، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «لم تبق الأرض الّا و فيها منّا عالم يعرف الحقّ من الباطل.» و قال: «إنّما جعلت التّقيّة ليحقن بها الدّم، فإذا بلغت التّقيّة الدّم، فلا تقيّة. و ايم اللّه، لو دعيتم لتنصرونا لقلتم: «لا نفعل انّما نتّقى.»، و لكانت التّقيّة أحبّ اليكم من آبائكم و امّهاتكم؛ و لو قد قام القائم، ما احتاج الى مسائلتكم عن ذلك، و لأقام فى كثير منكم من أهل النّفاق حدّ اللّه.»[103]

أقول: مفاد هذه الرّوايات و إن كان واضحا غنيّا عن البيان، الّا أنّه لا بأس لتقديم بيان وجيز لمزيد الوضوح، فنقول:

الظّاهر من الرّوايات المذكورة، مطلوبيّة التّقيّة و محبوبيّتها فى زمن الأئمّة عليهم السّلام و لا سيما زمان غيبة الامام المنتظر- عجّل اللّه تعالى فرجه-، و لكن ذلك لا ينافى أن يكون لها حدّ و ثغر، كغيرها ممّا يكون مطلوبا عند اللّه تعالى و أوليائه.

فإنّ لفظة «التّقيّة» بحسب المعنى اللّغوى بنفسها حاكية عن أنّ هذا الأمر لحفظ نفوس الأئمّة عليهم السّلام و الشّيعة و غيرهما من الامور المهمّة، كما يرشد الى ذلك التّعابير الواردة فى الأحاديث الماضية، مثل التّعبير عنه ب «التّرس» و «الحرز» و قوله عليه السّلام: «لم يقدروا لك على حيلة.»، و «هو الحصن الحصين»، و «صار بينك و بين أعداء اللّه سدّا»، و «استعمال التّقيّة فى دار التّقيّة واجب».

فعلينا أن ننظر فى أنّه الى أىّ حدّ اذن لنا فى التّعلق بالتّقيّة و الّتمسّك بها:

الشموس المضيية، ص: 88

من المعلوم أنّه إذا اتّضح لنا الحكم الإلهىّ الأوّلى، فرفع اليد عنه للتّقيّة و نحوها من العناوين إنّما يصحّ فيما إذا علمنا بتّا بأنّ هناك تكليفا الهيّا ثانويّا بمقتضى نصّ أو دليل معتبر معتمد، و لا مجال لرفع اليد عن الحكم الاوّلى فى مورد الشّك. و المتدبّر فى الأحاديث الّتى أوردناها فى هذا الفصل، يجد مواضع التّقيّة و حدودها فى زمن الغيبة.

ثمّ إنّ فى الحديث الرّابع عشر، نكتة ينبغى التّوجّه اليها، و هى انّ التّقيّة إنّما تسوّغ ما لم تؤدّ الى هدم أركان الدّين و دعائمه، و منها الولاية[104]؛ فلو أدّت التّقيّة الى هدمها أو ضعفها، فلا تقيّة بمقتضى قوله عليه السّلام: «فمدّوا الرّقاب.»؛ كما انّ فى قوله عليه السّلام أيضا فى هذا الحديث:

«فإنّى على الفطرة» دلالة واضحة على أنّه كما لا مجال للتقية فى التّوحيد[105]، كذلك لا مجال لها فى الولاية؛ لأنّها جزء التوحيد و من تمامه، كما يدلّ على ذلك بعض الرّوايات.[106]

هنوز هیچ دیدگاهی وجود ندارد.

اولین کسی باشید که برای “مهدویت | جلسه 38” دیدگاه می‌گذارید;

آدرس ایمیل شما منتشر نخواهد شد.

میزان رضایت خود را در ارزیابی وارد کنید*

دریافت دوره آموزشی

لطفا جهت دریافت، اطلاعات خواسته شده را وارد نمایید